سوق المشروبات الشعبية ينشط في رمضان

بين أزقته وشوارعه القديمة؛ تنتشر في سوق الزاوية وسط حي الدرج شرق غزة, العديد من "محلات العطارة" التي تمتاز بخاصيةٍ جعلت منها قِبلة وملاذاً لكل صائمٍ يرغب في أن يروي ظمأه بعد ساعات نهارٍ طويل غلب عليه طابع الحر والجفاف.

فالأعشاب الطبية والنباتات العطرية والمشروبات الشعبية, تشكل الرصيد الأكبر لهذه المحال, والتي تشهد عادةً رواجًا كبيرًا في شهر رمضان المبارك, خاصة وأنها شهدت في الآونة الأخيرة انتعاشًا بعد كساد امتد لسنوات خلت.
لوحة متكاملة
أبو علي عبد العال تاجر عطارة في سوق الزاوية, واجهة محله مليئة ببضاعة ألوانها امتزجت مع بعضها البعض, لتشكل لوحة متكاملة تغري الناظر إليها, تجلت في أنواع شتى من التمور والخروب والكركديه وعرق السوس, إضافة إلى البهارات العربية والهندية.

ويتحدث عبد العال لـ"فلسطين" قائلاً: "في شهر رمضان؛ يزداد إقبال المواطنين على شراء الخروب والكركديه والعرق سوس والتمر هندي، لصنع العصائر الباردة والتي تطفئ حرارة الصيف الملتهب، وتروى عطش الصائم".

ويُشير عبد العال إلى أن نسبة البيع خلال هذا العام ازدادت عن سابقه، إذ يشهد سوق العطارة رواجًا كبيرًا بما فيه من بضاعة، خاصة وأن شهر رمضان الحالي جاء في منتصف فصل الصيف، إضافة إلى انخفاض الأسعار في ظل توافر السلع والبضائع في الأسواق.



وترجع أهمية سوق الزاوية إلى موقعه, فهو يقع بالقرب من مركز المدينة القديمة وقريب من سوق الذهب ومن الجامع العمري، إضافةً لموقعه التاريخي واسمه ومكانته التاريخية. ويتابع عبد العال: "محلات العطارة تشهد انتعاشًا كبيرًا في شهر رمضان من كل عام، بحيث يكون البيع في هذه الفترة موسمياً، لاشتداد حركة البيع على سلعة الخروب وغيرها من السلع التي تمثل شرابًا باردًا".

وفي ركن آخر من سوق الزاوية، يقف أبو عادل بلبل أمام محل عطارته الصغير، مجيباً عن استفسارات الزبائن, ويزن لمن يرغب منهم ما بدا من عرق السوس والزعتر ولبن الجميد، والزبيب، والعسل، والتمر، والأعشاب الطبية.

ويؤكد بليل لـ"فلسطين" أن الناس في شهر رمضان المبارك, تقبل على شراء الخروب وعرق السوس، وهي من المشروبات التي تمد الجسم بالطاقة، ويفضلها الكثيرون باعتبارها مشروبات طبيعية وشعبية متعارف عليها".

ويُضيف: "الطبيعي لا يوجد أحسن منه وفوائده جمة ولا يضر الجسم خلاف المشروبات الغازية، التي لا تروي عطش الصائم، ولا تمده بالطاقة ليستطيع مواصلة صيام يوم حار".

نكهة رمضانية
أما العطار أبو أحمد الدلو، فينتظر قدوم شهر رمضان بفارغ الصبر، ليروج بضاعته بشكل أكبر، حيث يكون لسوق العطارة نكهة خاصة في الشهر الفضيل, كما يقول. ويضيف لـ"فلسطين": "حركة الزبائن قبل رمضان على سوق العطارة لا بأس بها، ولكنها تزداد بحلول رمضان, إذ يزاد البيع والرزق، وأنا شخصيًا؛ أشعر ببركة هذا الشهر في البيع الوفير، حيث يرتكز جل البيع على التمور بأنواعها، والمرطبات الرمضانية الشعبية كالخروب والعرق سوس، والتمر هندي".

ويتابع: "هذا العام شهد السوق حراكًا كبيرًا بخلاف الأعوام الماضية"، عازياً الأمر في ذلك لتحسن الوضع المعيشي لبعض المواطنين في غزة، ناهيك عن أن صيف هذا العام أشد حرارة من سابقيه.

ويمضى بحديثه: "كل فصل من فصول السنة يختلف في النباتات والأعشاب التي تباع فيه، فالشتاء يزاد فيه بيع الأعشاب التي تحضر ساخنة كالينسون والبابونج والزهورات وغيرها"، مبينًا أن شهر رمضان كله بركة، وبخاصة أواخره قبيل حلول عيد الفطر حيث يزاد الإقبال على توابل الكعك ومستلزماته.

وتؤيد الحاجة أم يوسف بهلول، والتي قصدت السوق لتبتاع الخروب والعرق سوق، ما ذهب إليه التجار قائلة: "اعتدت على شراء الخروب بصفة مستمرة منذ سنوات، لأعده في البيت، وأفضل كل شيء طبيعي وله فوائد لصحة الصائم، إضافة إلى أن أبنائي يعتبرونه المشروب المفضل لديهم ولا يمكن الاستغناء عنه في فصل الصيف".

في حين تقول نادية النجار، بعد أن تجولت في السوق لانتقاء أجود أنواع التمور، والتمر هندي: "الجو الحار يدفع الناس إلى البحث عن شيء يروي عطشهم، فلا يجدون سوى المشروبات الشعبية التي تربينا عليها منذ الصغر، وثبت أن لا مضار لها، كأنواع المشروبات التي غزت الأسواق".