استنهاض الامام المهدي (عجل الله فرجه) في الشعر الشيعي

بسم الله الرحمن الرحيم

ان قضية الامام المهدي (عج) قد اخذت مساحة واسعة في الادب الشيعي كما اخذته في العقيدة لما تمثله من أمل ينتظره عشاق نهج اهل البيت (عليهم السلام)، فقد نظم الشعراء الكثير من القصائد في هذا الموضوع تناولت عدة جوانب منه، ومن اهم تلك الجوانب جانب الظهور المقدس للامام (عج)
واقترانه بتأسيس دولة العدل الإلهي فكانت أبيات الشعراء التي تستنهض الامام(عج) لها الدور الكبير في ربط الشيعة الامامية بامامهم وبمشروعه الرباني وشدهم اليه عاطفيا وذلك من خلال الشكوى اليه لما ينالهم من ظلم واضطهاد من قبل اعدائهم وكذلك تحسس بعض آلامه (عج) وما يعانيه جراء ما يحدث امام ناظريه من انتهاكات ضد شيعته ومحبيه وكذلك تذكيره بما جرى من مصائب على آبائه الطاهرين (عليهم السلام).
وهذه نماذج من الشعر الذي يستنهض الامام (عج)،
فمنها ما انشده السيد حيدر الحلي :
أدرك تراتـك أيهـا المـوتـورُ ** فـلـكم بكـل يـد دمٍ مـهـدورُ

عذُبت دماؤكمُ لشـارب عَلِها ** وصَفت فلا رَنقٌ ولا تكديرُ
فهنا الكاتب يستنهض الإمام المهدي عليه السلام بدماء آباءه الذين قتلهم الظالمون، حتى ان دماؤهم عليهم السلام قد صفت وعذبت للمجرمين فاخذوا يتناولونها بدون شفقة ولا رحمة.
ثم يقول :
نفسـي الفـداء لثائـرٍ في حـقه ** كالليث ذي الوثبات حين يثورُ

أضحى يقيـم الدين وهو مهدمُ ** ويُجَبر ألإســلام وهـو كسيـرُ

ويُذكر ألأعـداء بـطشـهَ ربهـم ** لـو كـان ثمـهَ ينـفـعُ التـذكيـرُ
وبعدها يؤكد الشاعر الى الوظيفة الحالية للإمام سلام الله عليه ألا وهي الحفاظ على الدين والدعوة الى الصراط المستقيم رغم كل ما ناله أهل البيت من أعدائهم إلا انهم لم ينسوا ان يكلموا الناس ويدعوهم الى النجاة.
و منها ما جادت به قريحة الشاعر خضر القزويني :
إلى ما التوانـي صـاحب الطلعـة الغـرا ** أمـا آن مـن أعـداك أن تــطـلب الـوتـرا

فـديـناك لِم أغضـيت عـما جـرى علــى ** بني المصطفى منها وقد صدّع الصخرا

أتُغــضي وتـنسـى امـك الــطـهر فاطمـاً ** غـداه عـليها القـوم قـد هـجمـوا جهـرا

الـى متـى تُغـضـي ولم تـُلـفَ ثـائـراً ** بـوتر بني الهادي الذين قضوا صبرا

فهُـب لهـا وإسـقِ حسـامـك مـن دما ** عـِداك وغـادر خضـم هـاماتهـا نثـر
هنا الشاعر ايضا يستنهض الإمام المهدي عليه السلام ويقول له بان هناك دين وحدود يجب ان تقتصها من الذين ظلموكم، ويبدأ بسرد الظلامات التي يجب ان لا ينساها ويطالب المعتدون بها فيذكر المصيبة الأليمة التي آلمت أئمتنا عليهم السلام من الزمن الأول وتؤلم الامام المهدي عليه السلام ألا وهي مصيبة فاطمة الزهراء بضعة النبي التي عانت ما عانت في سبيل دين النبي ص فلم يرعوها الظالمون ولم يحترموا حب رسول الله ص لها وقوله: فاطمة بضعة مني ، وفاطمة روحي التي بين جنبي، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها. بل تطاولوا عليها وعلى أمير المؤمنين .
ومنها ما قاله السيد عبد المهدي الأعرجي :
أثرها عراباً كالسعالي شـوازباً ** عليها من الفتيان اُسدٌ ضراغمُ

فقد عمّنا الظلم الشديد وعطلت ** من الشـرع أحكـامٌ له ومحاكمُ

لنا كل يـــــــــومٍ ندبه بعد ندبهٍ ** تـغُـص حناجيـرٌ بهـا وغلاصـمُ
وهنا الشاعر يستنهض الامام ع أيضا فيذكر الظلامات التي تجري على الشيعة من بعد غيبته الى وقتنا الحاضر، وما لنا من وسيلة إلا ندبة الإمام والدعاء بتعجيل فرجه وهذه الندبة نابعة من قلوب الشيعة لما نالهم من ظلم.
ومنها ما سجله الدكتور محمد حسين الصغير في قصيدة له :
متى تُشرق الدنيا ويشمخ انفُها ** بمُنصلتٍ كالسـيف سُـل مِن الغمـدِ

ويزحـف مِن بطحـاء مكـة قائـمٌ ** يقوم على إسم الله باليُمن والسعدِ

فيملؤهـا عـدلاً وقِسـطاً ورحمـهً ** كما مُلئت بالجُـور والظلم والحقـدِ

فـديتـك عـجـل بالظهـور فـإنـما ** كجمرِ الغَضا هذي القلوب من الوجدِ

أجر حوزة ألإسـلام من كـل جائرٍ ** وطهـر بـلاد الله مـن كـل مرتـدِودمـر طـواغيـت الزمان بثـورهٍ ** وطَوّق شـياطين السياسة بالرصـدِ
شروق الشمس مدعاة لحياة سعيدة، والبلد الذي لا تشرق فيه الشمس تعم الكآبة على الناس ويصاب معظمهم بحالات نفسية، فالشاعر هنا يمثل ظهور الامام بالطبيب الذي يداوي النفوس التي غيرتها الكآبة بسبب فقده، ويذكر أيضا قدومه ومسيره الى ان يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، ثم يدعو الامام الى الاسراع والتعجيل بالظهور لأن ذلك فيه فرح وسرور المؤمنين والخلاص من الكافرين والمنافقين الذين هم الحاكمون في هذا الوقت.